الأخ علي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الاختيار لفعل معيّن له مقدمات، ومنها العلم بنفع الفعل للفاعل والميل، أو الشوق إلى تحصيل الأثر النافع منه لو فعله، وعدم المانع كعطب آلات الفعل والحركة وغير ذلك.
وهذه المقدمات متفاوتة من جهة الدرجة والقوّة، فهنالك مثلاً الميل الشديد والمانع القوي الذي يحصل معه رجحان الفعل وبعكسه مرجوحيته. والقبيح الذي يأتي به المكلّف بناء على كونه فعل من الأفعال لا يخرج عن هذا الإطار، فإدراك كونه نافعاً (ولو في العاجل) والميل إلى تحصيل الأثر المترتب عليه، وعدم وجود المانع في أدوات الحركة دون فعله، ومنه كذلك ضعف الوازع الديني أو الأخلاقي الحائل دون الإقدام على إتيانه إلى غير ذلك يجعله واقعاً بقوّة الاختيار والإرادة، مع الالتفات أن القبيح ينسلخ عن قبحه في نظر الفاعل حال فعله، فيراه حسنا قال تعالى: (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا)(فاطر: 8)، ولا شك حينئذ أنّ الخلل يكمن في المقدمات لا نفس الاختيار أو قوّة الإرادة.
ولا ينسحب هذا التفصيل على الإرادة الإلهية أو الاختيار الإلهي. والبحث فيه موكول إلى محلّه من علم الكلام، وعلم الأصول وخاصّة في مبحث الطلب والإرادة.
ودمتم في رعاية الله