ان القول: بأنّ الله تبارك وتعالى خلق الأشياء من العدم. ليس المراد منه أنّ العدم هو منشأ الخلقة ومصدرها ومادتها نظير مادة السرير الّتي هي الخشب، بل معناه أنّ الأشياء لم يكن لها وجود فأوجدها الله تعالى بقدرته نظير قوله تعالى: (هل أتى على الإنسان حينٌ من الدّهر لم يكن شيئاً مذكوراً) (سورة الإنسان، الآية: 1 ).
وهذا ما أشار إليه الإمام الصّادق عليه السلام في جوابه للزنديق الّذي سأله قائلاً: من أيّ شيء خلق الله الأشياء؟ فقال: لا من شيء، فقال: كيف يجيء من لا شيء، شيء؟ فقال: إنّ الأشياء لا تخلو أن تكون خلقت من شيء أو من غير شيء، فإن كان خلقت من شيء كان معه، فإن ذلك الشيء قديم والقديم لا يكون حدثاً ولا يفنى ولا يتغيّر ولا يخلو ذلك الشيء من أن يكون جوهراً واحداً ولوناً واحداً، فمن أين جاءت هذه الألوان المختلفة والجواهر الكثيرة الموجودة في هذا العالم من ضروب شتى ومن أين جاء الموت إن كان الشيء الذي أنشأت منه الأشياء حيّاً، ومن أين جاءت الحياة إن كان ذلك الشيء ميّتاً ولا يجوز أن يكون من حيّ وميّت قديمين لم يزالا.
ودمتم في رعاية الله